محاضره تعريفية عن مصر لطلاب 'شيلا تشونغ هاكيو' في حي 'ساسانغ' في مدينة 'بوسان' (الصورة من محمد البيّار)
اللغة الكورية واحدة من أهم لغات العالم وايضاً هي لغة مميزة و فريدة وبمجرد أن تمنحها حبك وشغفك ووقتك تمنحك هي ما لا تتخيله من مكانة عُليا ومستقبل مشرق وهذا تحديداً ما حدث مع 'محمد البيّار' الذي غيرت حياته تماماً اللغة الكورية ووضعته في مكانه لم تكن في حسبانه أبداً، منحته حبها مثلما منحها هو حبه ووقته ومجهوده، لا يوجد أحد مهتم يدرس اللغة الكورية ولا يعرف 'محمد البيّار' وأنا شخصياً أتابعه منذ أعوام، تواصلت معه عبر الفيسبوك في الثالث من شهر مايو الجاري وأستغرقت المقابلة حتي الثاني عشر من شهر مايو الجاري ولكن عبر الواتساب.
'محمد البيّار'، شاب مصري، خريج كلية الألسن قسم اللغة الكورية، محاضر ومترجم لغة كورية للعرب والمصريين، مثال لكل شخص طموح يسعي لتحقيق هدفه نحو الشيء الذي يحبه، لنتعرف سوياً كيف غيرت اللغة الكورية حياة 'محمد البيّار'.
محمد البيّار مع سعادة السفير الكوري 'هونج چين ووك' أثناء زيارته لأسوان (الصورة من محمد البيّار)
هلاّ حدثتنا عن أسباب شغفك لكوريا ولماذا وقع اختيارك على اللغة الكورية بالأخص؟
بالنسبة لأسباب شغفي لكوريا، في الحقيقة أنا كنت أعمل مع والدي منذ الصغر في مجال التجارة واكتسبت خبرة لا بأس بها في هذا المجال ومن هنا بدأت كوريا تراود مُخيلتي فكما نعلم جميعاً أن كوريا هي دولة الاقتصاد فكانت بالنسبة لي تمثل أرض خصبة لنمو أحلامي، فقررت أنني يوماً ما سأذهب إلى كوريا لأحقق حلمي في بناء تجارتي الخاصة.
أما فيما يخص اختياري للغة الكورية تحديداً، لحسن الحظ افتتحت كلية الألسن في أسوان قسماً للغة الكورية وبدون تفكير قررت الالتحاق به وتحدي صعوبات انتقالي من محافظتي المنصورة إلى محافظة أسوان حاملاً معي شغفي وحُلمي في الوصول إلى أرض الأحلام 'كوريا الجنوبية'.
هلاّ حدثتني عن تفاصيل رحلتك إلى كوريا وكيف كان شعورك عند وصولك إلى أرض الأحلام 'كوريا الجنوبية' وهل واجهت صعوبات أم لا؟
كانت رحلتي إلي كوريا عن طريق منحة خبراء اللغة والثقافة الكورية الخاصة بطلبة قسم اللغة الكورية المقدمة من منظمة 'كويكا'، في عام ٢٠١٩ كانت من شروط هذه المنحة أن أجتاز الاختبارات وبالفعل حصلت علي المركز الأول، وكانت مدة إقامتي في كوريا ثلاثة أشهر وكانوا من أجمل الأيام في حياتي، ومن الذكريات التي لا يمكن نسيانها في هذه الفترة أنه تم ترشيحي من قِبل صديق كوري لمسابقة 'أفكار الطلاب لاستقطاب السياح المسلمين' وبالفعل قمت بالمشاركة وقدمت أفكاراً لترويج وتحسين السياحة في مدينة 'بوسان'.
محمد البيّار أثناء تكريمه لمسابقة 'أفكار الطلاب لاستقطاب السياح المسلمين' ببوسان (الصورة من محمد البيّار)
أما عن شعوري عندما خطوت أول خطواتي في كوريا، كان شعوراً لا يوصف فعلياً كنت أشعر بالسعادة والرضا والهدوء وكأنني أقول في خاطري 'وأخيراً، حصدت ثمرة مجهودي'.
أما عن الصعوبات، جميع الصعوبات التي واجهتها كانت قبل ذهابي إلي كوريا عندما كنت أدرس في الجامعة مثل تنقلي الدائم من محافظة لأخري لم يكن قراراً سهلاً أن أترك كل شيء خلفي وأمضي في حُلمي فكان الأمر بالنسبة لي أنه لا مجال للخسارة، وبالفعل في خلال الأربع أعوام في الدراسة لم يكن هناك أي فاعلية تخص كوريا واللغة الكورية لم أشارك بها لأخذ الخبرة، منذ أول عام دراسي لي كنت أرافق السائحين الكوريين حتي أكتسب مهارات التحدث وبالفعل كانت لغتي الكورية جيدة في عامي الثاني ولم يكن هذا أمراً سهلاً لطالب يحتاج الكثير من الوقت والجهد والمال، أما عن كوريا فأنا لا أذكر أنني واجهت أي صعوبات بالعكس تماماً كوريا كانت الراحة بعد العناء والمشقة.
بالحديث عن كوريا هلاّ حدثتني قليلاً عن طبيعة الشعب الكوري وتجربتك معهم وهل كان لهم تأثير على شخصيتك وحياتك؟
الشعب الكوري شعب محافظ وملتزم بالعادات والتقاليد ومن أهم صفاته الاحترام ويشمل كل الفئات احترام الأكبر سناً وأيضاً الأصغر سناً، هو شعب يقدر بعضه البعض ويشبهنا نحن المصريين بدرجة كبيرة لديهم اهتمام كبير بالعائلة والجو العائلي يحترمون الأجداد ويقدرونهم.
وفيما يخص تأثير الشعب الكوري على شخصيتي وحياتي، أستطيع القول إنه بالفعل كان هناك تأثير كبير بالنسبة لي كشخص عملي وهو 'تقديس الوقت والعمل'، فالكوريون يقدسون ويحترمون الوقت بشكلاً كبيراً وكذلك العمل، فالعمل بالنسبة للكوريون خطاً أحمر لا يسمح بتجاوزه وهذا لا يعني أنهم لا يستمتعون بحياتهم ولكن بطريقة منظمة وتعطي كل شيء حقه، وأيضا 'تطوير الذات' عندما وضعت نفسي في مقارنة مع الكوريون تيقنت أنني إذا أردت أن أكون شخص ناجح لابد من تطوير نفسي دائماً حتى أستطيع أن أواكب التغيرات ولا أهدر وقتي وطاقتي في الفراغ واتعلم دائماً من الأكثر خبرة والأهم أن الشخص مهما بلغت مكانته لا يضع نفسه في موضع تكبر حتى لا يسقط، وهذا ما أثر في شخصيتي وحياتي بشكل عام.
حدثتي عن الاماكن التي كانت مفضلة لك في كوريا ولماذا؟
أستطيع القول إنه في المركز الأول شاطئ 'هيونداي' في مدينة 'بوسان'، من أجمل وأروع الأماكن التي يمكن أن تزوريها في كل مكان تحاوطك الموسيقي نظراً لوجود عازفي موسيقي في جميع أنحاء الشاطئ.
وفي المرتبة الثانية تأتي مدينة 'كيونغ چو'، أعتقد أنه لا يوجد مكان يمكن أن يعطيكِ الشعور بالسلام والهدوء مثل هذه المدينة، عند تجولك فيها تشعرين وكأنك تتجولين داخل أحداث دراما كورية تاريخية في حقبة عصر مملكة 'جوسون' ويرجع هذا إلى القصور الملكية التاريخية التي تحاوطها من جميع الاتجاهات ووجود الخضرا ممزوجة بالمياه كما نراها في الدراما التاريخية.
محمد البيّار من مدينة 'كينونع چو' في كوريا الجنوبية (الصورة من محمد البيّار)
حسناً لنأتي لسؤال مقالنا وهو ما مدي تأثير كوريا على حياتك المهنية؟
ليس تأثيراً عادياً بل أحدثت تغير جذري في حياتي المهنية، لم يكن في حسباني أن أصبح مترجم ومحاضر لغة كورية، ولم أتوقع أن يتم استدعائي للقيام بجميع أعمال الترجمة لبعض الشركات الكورية في معرض 'الطاقة المتجددة الدولي' التي قامت مصر باستضافته في أكتوبر الماضي.
محمد البيّار من معرض الطاقة المتجددة الدولي التي قامت مصر باستضافته في أكتوبر الماضي (الصورة من محمد البيّار)
وان أكون محاضر في تدريب لشركات عالمية كشركة 'إل-چي'، قد تم استدعائي لأكون محاضر لتدريب المهندسين والفنيين المصريين في هذا اليوم.
محمد البيّار من تدريب المهندسين والفنيين المصريين في شركة 'ال-جي' (الصورة من محمد البيّار)
ولم أتخيل يوماً أن أجلس على طاولة المفاوضات الدولية لأصبح مترجماً في المؤتمرات الدولية مثل 'مؤتمر شركة دايسون الكورية' وتم استدعائي في هذا المؤتمر لتولي جميع مهام الترجمة بين السيد وزير النقل والمواصلات المصري 'كامل الوزير' والمدير التنفيذي الكوري' سوغن لي' لواحدة من أكبر ترسانات بناء السفن على مستوي العالم بحضور مدير الهيئة الكورية لترويج التجارة والاستثمار.
محمد البيّار من 'مؤتمر شركة دايسون الكورية' مع المدير التنفيذي الكوري ' سوغن لي' (الصورة من محمد البيّار)
ختاماً، هل تود قول شيء أخر؟
أود أن أقول لكل شخص من دراسي اللغات وبالأخص اللغة الكورية لا تستمع لأي شخص ولا تسمح لأحد أن يقلل من حلمك وقم باستغلال وقتك في السعي وراء حلمك، أتذكر أنني عندما كنت في العام الأول من الجامعة كنت أري زملائي الأكبر سناً مني في نفس القسم وهم يتحدثون مع الكوريون بكل طلاقة وكنت أندهش من طلاقتهم في اللغة ولم أكن أتخيل يوماً أن أصل لهذا المستوي من التحدث وبالفعل قد حدث وبشكل لم أكن أتوقعه، دائما أستمع للأكثر منك خبرة في مجالك وهذا سيوفر عليك جهد أعوام، وفي النهاية أتمني التوفيق للجميع.
كي وورد:
كوريا الجنوبية، اللغة الكورية، كويكا، مدينة بوسان، شاطئ هيونداي، مدينة كيونغ چو، منحة خبراء اللغة والثقافة الكورية، السياحة في كوريا، الشعب الكوري، عصر مملكة جوسون، الدراما الكورية التاريخية، الدراما الكورية، أغاني الكي بوب، شركة دايسون الكورية، شركة إل چي الكورية، الهيئة الكورية لترويج التجارة والاستثمار
How about this article?
- Like2
- Support4
- Amazing0
- Sad0
- Curious0
- Insightful0